معذرة صاحبة الجلالة
عندما تدخل الميدان الإعلامي، فلا بد أن تعلم قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولا بد أن تعلم أنك داخل إلى محيط لا يتناهى إلا عند الأفق، وإلى بحر غويط كلما غصت فيه زاد عمقا، واعلم أن هذا الميدان، بقدر ما يقسم ظهرك من فرط الأخطاء التي ترتكبها، بقدر ما يقويك إذا كان لديك استعداد أن تصحح أخطاءك، وألا تسمح أن تتكرر ثانية، فعذرا صاحبة الجلالة، فقد صحوت من غفوتي، رغم أني تجرعت العلقم والسم الزعاف، لكن يا فرحتي لقد استيقظت.
كنت تنادينني من بعيد، وتقولين لي يافلان استفق، واعلم قدر نفسك، يا فلان إياك واكحل الراس، فإنك تعامله بالحسنى ويكيد لك كيدا، كنت تقولين لي إياك أن تمنح قيمة لمن لا يستحقها، وإياك أن تتواضع مع من يفهم التواضع ضعفا وهوانا، لكني كنت أدير لك ظهري، وينزل صمم مطبق على أذني ويشل عقلي، فعذرا صاحبة الجلالة، لأني لم استمع إلى نداءاتك المتكررة، فكان جزائي وأنا الذي استحقه، أن أتلقى الضربات والطعنات المتتالية، وأنا في سبات عميق، أحسب الناس سواسية، وأميل كل الميل مع ذوي الضحكات الصفراء والمنافقين، بل ودون المستوى، وأستسمح من قرائي إذا قلت مصطلح الخماميس، فمعذرة صاحبة الجلالة.
أنا أقر أني لم أمنحك القيمة التي تستحقين، والغريب انك في القلب تسكنين، وفي الدم تجرين، ففيك القاضي والمحامي والمحاسب والمنقب والمحقق والمصور والكاشف، وفيك الأخ والأخت، وأنت السبيل إلى التعبير عما يخالج النفس في سرها وعلنها.
ولكن محبك الآن استفاق، بعد أن ذاق وذاق، واعدك بأنه الفراق، مع زمن التغباش والحماق، فأنت مدرستي التي ألمتك وآلمتك، ورغم ذلك استمر عطاؤك، واعترفت لي بجميل ما أعطيتك وما تفانيت فيه لأجلك، فاليوم أنا شخص آخر، ولن أسمح لأي عبد أو حر، عبد الضعف والنزوات، والراغب في القيمة والدماغ فارغ، والراغب في الأبهة والنخوة عل الخوا، فعذرا صاحبة الجلالة، من اليوم سأبادلك بالمثل، وسأخرج من الظل، وسأحارب كل متملق متعجرف متزندق، فعذرا صاحبة الجلالة.







ليست هناك تعليقات: